مقدمة:
1ـ تعريف
السنة:
لغة:هي الطريقة ،سواء كانت خيرا أم شرا ،فمن إطلاقها على
الخير قوله تعالى "سنة من قد أرسلنا
قبلك من رسلنا "أي طريقة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تكون طريقة الرسل إلا خيرا.
ومن إطلاقها على الشر
قوله تعالى:"قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة
المكذبين"،فسنن المكذبين لا تكون إلا شرا ،فعلم بهذا أن السنة في اللغة تطلق
على الطريقة سواء كانت للخير أم كانت للشر .
إصطلاحا: تطلق السنة لدى أهل الحديث على ما أوثر عن النبي صلى
الله عليه وسلم من قول، أو فعل، أو تقرير، أو وصف خلقي ،أو خلقي ،سواء صلحت دليلا
لحكم شرعي أولم تصلح.
شرح
التعريف:
ـ ما أوثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول :فتشمل أقوال النبي
صلى الله عليه وسلم التي هي الحديث .
ـ أو فعل : فتشمل فعله والإخبار عنه .
ـ أو تقرير: وهو ما لم يقله النبي صلى الله عليه
وسلم ولم يفعله ؛ولكن فعل أو قيل بين يديه فأقره ، فالتقرير سكوت النبي صلى الله
عليه وسلم عن أقوال في مجلسه أو عن أفعال في مجلسه أو علم بها تحت سلطته فلم
يغيرها ،فهذا هو التقرير ويشمل الأقوال والأفعال،كأكل الضب أمام النبي(ص) بحيث لم
يأكل و لم ينهى عن ذلك فدل على إباحته .
ـ أو وصف خلقي أو خلقي: والوصف المقصود هو وصف
غيره له ،ولابد أن يكون قد رآه . والوصف الخلقي يتعلق بشكله و ذاته ،و الوصف
الخلقي يتعلق بما كان عليه من أخلاق عظيمة التي أثنى الله عليه بها في كتابه في
قوله تعالى:"وإنك لعى خلق عظيم" وكلاهما من السنة ،لكن الوصف لا نأخذ
منه الأحكام الشرعية ،فالوصف نأخذ منه التمام والحسن ، ويكون ذلك في الوصف الخلقي
قال تعالى" لقد كان لكم في رسول الله
أسوة حسنة".
ـ أما الأقوال فنأخذ منها الأحكام الخمسة (الوجوب
والندب والإباحة والكراهة والحرمة).
فمن أقوال النبي التي تدل على الوجوب:"فيما سقت السماء العشر"،فهذا الحديث يدل على
وجوب إخراج العشر من الزرع إذا وصل إلى خمسة أوسق وكان مما تسقيه السماء ولم يتكلف
بسقيها الإنسان بسقيه ،وكقوله (ص): "في كل خمسة من الإبل ضائنة"،وهذا
يدل على وجوب إخراج الزكاة عن كل خمسة من الإبل ضأن ،فالحديث الأول والثاني كلاهما
يقتضي الوجوب .
ـ ومن أقوال النبي(ص) التي تدل على الندب قول
النبي(ص) : "بين كل أذانين صلاة".وقوله (ص) :"لولا أن أشق على أمتي
لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة".
ـ ومن أقواله التي تدل على الإباحة كإذن
النبي(ص) في كثير من المسائل ، فدل ذلك على إباحتها مثل قوله(ص) :"كنت نهيتكم
عن زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا هجرا".
ـ و من أقواله التي تدل على الكراهة :"إن ربكم حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات و
منعا وهات ،وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال و إضاعة المال".
ـ ومن أقواله التي تدل على التحريم "يحرم
من الرضاع ما يحرم من النسب".
أما أفعال النبي (ص) فلا يؤخذ منها إلا حكمان فقط هما: الإباحة والندب .
ـ الندب: فقد ثبت عنه (ص) أنه وضع يده اليمنى على
اليسرى في الصلاة ، وثبت عنه أنه كان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام.
ـ والإباحة: جمع النبي(ص) الصلوات بوضوء واحد يوم الفتح .
والأوصاف لاتؤخذ منها الأحكام مطلقا سواء كانت خلقية أو خلقية ، لكن الأوصاف الخلقية دل نص
آخر على الإقتداء به فيها وهو قوله تعالى:"لقد كان لكم في رسول الله اسوة
حسنة".
2ـ الحديث:
لغة: هو الكلام سواء كان مفيدا أوغير
مفيد ، فمن المفيد قوله تعالى: "فبأي حديث بعده يومنون" وقوله : "ومن
أصدق من الله حديثا".ومن الكلام غير المفيد قول الشاعر:
و حديثها السحر الحلال لو أنه لم يجن قتل المسلم المتحرز
إن طال لم يملل وإن هي أوجزت ود المحدث أنها لم توجز .
ويطلق الحديث في اللغة كذلك على الجديد .
إصطلاحا:يطلق على أمرين :
الأول: أقوال النبي(ص) أي السنن القولية ، لأن
الحديث في أصل الكلام كما ذكرنا ،أما أفعاله وتقريراته و أوصافه فليست من كلامه ،فإطلاق
الحديث عليها مجازا .
الثاني: الحديث هو مرادف للسنة أو ما أضيف للنبي(ص)
من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خلقية أو خلقية . فعلى الإطلاق الأول يشمل الأقوال
فقط وعلى الإطلاق الثاني يشمل الأقوال والأفعال والتقريرات والأوصاف ،أي أنه مرادف
للسنة.
3ـ الخبر:
لغة : ما يقبل الصدق والكذب وجمعه أخبار.
إصطلاحا: له إطلاقات
ـ هو مرادف للسنة والحديث أي ما أوثر عن النبي(ص) من أقوال وأفعال وتقريرات و أوصاف خلقية أو
خلقية .
ـ وقيل هو
ماجاء عن غير النبي(ص)؛ أي عن الصحابة والتابعين و غيرهم ويشمل الغزوات والفتوحات
و القصص .
ـ وقيل هو ما جاء عن النبي(ص) أو عن غيره فهو بهذا أشمل من السنة والحديث.
4ـ الأثر:
لغة: هو ما يتركه الإنسان خلفه ، أو هو بقية
الشيء، قال تعالى: "إنا نحن نرث الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم".
إصطلاحا:هوما روي عمن دون النبي(ص) أي ما روي عن الصحابة و التابعين وما روي عن أتباع التابعين كل هذا يسمى أثرا ولا يسمى حديثا أو
سنة أو خبرا ، فأبو يوسف صاحب أبي حنيفة له كتاب الآثار فيه أحاديث موقوفة على الصحابة و التابعين وكذلك محمد بن الحسن الشيباني له كتاب الآثار،وكذلك إبن حزم له كتاب المحلى بالآثار.
فالأثر في الأصل منسوب إلى الصحابي أو التابعي أوإلى تابع التابعي لكنه مقيد بالرواية .
علم مصطلح الحديث: علم بأصول قواعد يعرف بها أحوال السند والمتن من حيث القبول والرد قال السيوطي :
[right]علم الحديثذو قوانين تحــــد يدرى بها أحوال متن وسند
فذانك الموضوع والمقصود أن يعرف القبول والمـردود
والسند الإخبارعـــن طريق متن كالإسنــاد لدى الفريـق
والمتن ماانتهى إليه السنــد من الكلام و الحــديث قيدوا
بما أضيف للنبـــي قولا أو فعلا وتقريراو نحوها حكوا
وقيل لا يختص بالمــرفوع بل جاء للموقوفوالمرفــــوع
فهو على هذا يرادف الخبر وشهروا شمولهذين الأثـــر.
ملاحظات:
ـ موضوع علم مصطلح الحديث: هو دراسة السند والمتن من حيث القبول والرد.
ـ فائدة هذا العلم: تمييز الحديث الصحيح من الضعيف .
ـ السند: لغة :هو المعتمد ،وسمي كذلك لأن
الحديث يستند إليه ويعتمد عليه ،وهو إصطلاحا : سلسلة الرجال الموصلة للمتن .
ـ الإسناد: هو عزو الحديث إلى قائله
مسندا ، أو هو سلسلة الرجال الموصلة للمتن ، وهو بهذا المعنى مرادف للسند .
ـ المتن: لغة ما صلب وارتفع من الأرض ،
وهو في الإصطلاح ما ينتهي إليه السند من الكلام .
قال المؤلف رحمه الله:
أبدأ بالحمد مصليا على محمد خير نبي أرسلا .
بدأ بالحمد إمتثالا لقول الرسول (ص) : (إن الله عزوجل يحب أن يحمد ) رواه الطبراني وقال(ص) " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أقطع " رواه إبن ماجة وفي رواية "كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم" رواه أبو داود ، والحمد في اللغة : هو الوصف الجميل على جهة التعظيم سواء كان في مقابلة نعمة أولا .وقول المؤلف" مصليا على محمد" ثنى بالصلاة على النبي محمد(ص) إمتثالا لقول الله تعالى في القرآن الكريم:"إن الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلما تسليما" وقال النبي (ص):"من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا" ، ويقول تعالى :" ورفعنا لك ذكرك "أي لا أذكر إلا وتذكر معي كما ورد ذلك في خبر مفسرا عن جبريل عليه السلام .
ثم قال"وذي من أقسام الحديث عده " :شرع في ذكر أقسام الحديث مع تعريف كل قسم فقال "كل واحد أتى وحده" ثم بدأ بالحديث الصحيح لكن قبل البدأ
بالحديث الصحيح نبدأ بالحديث المتواتر.
الأول: الحديث المتواتر تعريفه :
لغة: التواتر هو التتابع ، تقول تواتر المطر؛ أي
تتابع نزوله .
إصطلاحا: ما رواه عدد كثيرفي كل طبقة من طبقات السند تحيل العادة تواطئهم على الكذب . معناه هو الحديث الذي يرويه في كل طبقة من طبقات
السند رواة كثيرون يحكم العقل بإستحالة أن يكون أولئك الرواة قد إتفقوا على إختلاق هذا الخبر أو هذا الحديث .
شروط الحديث المتواتر:
1ـ أن يرويه عدد كثير ، وقد اختلفوا في أقل
الكثرة على أقوال و المختار أنه عشرة أشخاص .
2ـ أن توجد الكثرة في جميع طبقات السند .
3ـ أن تحيل العادة تواطئهم على الكذب .
4ـ أن يكون مستند خبرهم الحس كقولهم سمعنا أو
رأينا أو لمسنا ...
حكمه: يفيد العلم اليقيني الضروري ، الذي يصدق به الإنسان تصديقا جازما كما يشاهد الأمر بنفسه ، لذلك كان المتواتر كله مقبولا ، ولا
حاجة إلى البحث عن أحوال رواته (فقد يكون الرواة من بلاد مختلفة وأجناس مختلفة ،و مذاهب مختلفة ).
أقسامه: ينقسم إلى قسمين : متواتر لفظي ومتواتر معنوي .
أـ المتواتر اللفظي: هو ما تواتر لفظه ومعناه من النبي(ص) مثل حديث :"من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار"رواه بضعة وسبعون صحابيا.
ب ـ المتواتر المعنوي: هو ما تواتر معناه دون لفظه مثل حديث رفع اليدين في الدعاء فقد ورد عنه (ص) نحو مائة حديث كل حديث أنه رفع يديه في الدعاء،ولكنها في قضايا مختلفة فكل قضية منها لم تتواتر ،والقدر المشترك بينهاهو الرفع عند الدعاء ،تواتر باعتبار مجموع الطرق.
وجوده: يوجد عدد لا بأس به من الأحاديث المتواترة منها حديث الحوض وحديث المسح على الخفين وحديث رفع اليدين في الصلاة ؛لكنها مقارنة بالأحاديث الآحاد تظهر المتواترة قليلة جدا.
أشهر الصنفات فيه:إعتنى العلماء بجمع الأحاديث المتواترة في مصنف مستقل ليسهل على الطالب الرجوع إليها من تلك
المصنفات :
ـ الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة للسيوطي .
ـ قطف الأزهار للسيوطي كذلك وهو تلخيص للأول .
ـ نظم المتناثر في الحديث المتواتر لمحمد بن جعفر الكتاني .
الثاني: الحديث الصحيح:قال المؤلف :
أولها الصحيح وهو مااتصل إسناده ولم يشذ أو يعل
يرويه عدل ضابط عن مثله معتمد في ضبطه ونقله.
تعريفالحديث الصحيح:
لغة: هو ضد السقيم .
اصطلاحا: هو ما اتصل سنده بقل العدل الضابط عن مثله إلى
منتهاه من غير شذوذ ولا علة .
شرح التعريف:
ـ "هو ما اتصل" أي اتصال السند معناه أن كل راو من رواته قد أخذه مباشرة عمن فوقه من أول السند إلى منتهاه؛ أي حتى ينتهي إلى الرسول (ص) أو الصحابي أومن دونه.
ـ"ولم يشذ " أن لا يكون الحديث شاذا ، و الشذوذ هو مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه أي رواه واحدا وخالف به من هو أوثق منه، فهو ما جمع بين أمرين الإنفراد
والمخالفة أي انفرد به شخص واحد وخالف به من هو أوثق منه أو أكثر عددا.
ـ"ولم يعل"ليس فيه علة قادحة ، والعلة سبب غامض خفي يقدح في صحة الحديث مع أن ظاهره السلامة ، سواء كان يتعلق بالإسناد أو بالمتن.مثل الإرسال.
ـ "يرويه عدل"المقصود به عدالة الرواة أي كل راو من رواته اتصف بكونه مسلما بالغا عاقلا ،غير فاسق و الفسق هو ارتكاب الكبيرة أو الإصرار على الصغيرة .
ـ"ضابط" المقصود به ضبط الرواة ؛ أي كل راو من رواة الحديث تام الضبط ،إما ضبط الصدر أو ضبط الكتاب.
الرئيسية 
